نادر بكار حالة مصرية.. البرلمان والميدان الجمعة، 27 يناير 2012 -
07:59
الحشود التى توافدت على سائر ميادين مصر الكبرى وفى مقدمتها التحرير فى
الذكرى الأولى للثورة أثبتت أن الحرارة الثورية مازالت متقدة فى قلوب
المصريين لأن كثيرا من أهداف ثورتهم لم تتحقق إلى الآن.
وحقيقة قد استشعرت أن نبض الميدان مازال على عهده الأول من التجانس
والاتساق حتى إن تباينت المطالب وأهداف النزول بين بعض فئاته، لكن تظل روح
الميدان الأولى التى أظهرت التماسك والترابط فى أروع صورة بين كل المصريين
هى الروح السائدة بلا منازع.
وعلى ذكر التماسك والترابط فقد أكدت أكثر من مرة أنه لا يمكن بحال أن نتحدث
عن شرعيتين متنازعتين واحدة تخص ميدان التحرير والأخرى اكتسبها البرلمان،
ومن ثم نشرع فى الحديث عن ماهية الخلاف الذى سينشب بينهما، فالذى يتضح لنا
وفق المعطيات الثورية قبل غيرها أن علاقة الميدان بالبرلمان علاقة تكامل
وتناغم لا يستغنى فيها طرفٌ عن الآخر، فضلا على أن يقوم بإقصائه.
فالبرلمان ابن شرعى لميدان التحرير، وتطور منطقى لحالة الزخم الثورية فى
اتجاه مؤسسى يحقق أهداف الثورة بشكل ممنهج، وفى ذات الوقت فإن البرلمان
يعتمد على الميدان كمرتكز جماهيرى كبير وظهير جاهز للالتفاف حول نواب الشعب
للشد من أزرهم وتذكيرهم بين الحين والآخر بطبيعة المهمة التى اختيروا لها،
والميدان يعتمد على البرلمان بشكل كامل ليكون عينه التى يبصر بها أداء
الجهاز التنفيذى، ويده التى يبطش بها ضد كل جبار عنيد، وقدمه التى سيسير
بها إلى نهاية طريق تلوح فيه من بعيد أضواء دولة عادلة حديثة طالما حلم بها
المصريون.
وأعتقد أن كلا الفريقين البرلمان والميدان يسيران على الدرب نفسه حتى
اللحظة الراهنة، فقد استبق البرلمان ذكرى الثورة، بثورة مصغرة داخل أروقته
لما تضافر كل أعضائه بلا استثناء لرفض بيان الحكومة المؤقتة ورفض المحاكمات
الهزلية لعتاة الظلمة والمجرمين، وأصروا على تشكيل لجنة تقصى حقائق يشرف
عليها الشعب من خلال نوابه، فعبروا عما جاش بصدور الملايين وأمسكوا بزمام
المبادرة فى مشهد تاريخى مهيب، أكدوا فيه للشعب الذى أولاهم ثقته أنهم على
مستوى المسؤولية وأن أحدا لن يقف فى طريق ممارسة الحق الرقابى والتشريعى
الذى اختص به المجلس بعد اليوم.. وكذلك الميدان استمر أبناؤه فى القيام
بدورهم بصبر ومثابرة، فغصت جنبات الميدان بهم من جديد وأوصلوا رسالة قوية
مفادها أن ضغط الشارع سيظل أداة فاعلة من شأنها أن تسرع وتيرة الإصلاح،
وأزعم أن نواب الشعب قد استفادوا من هذا الضغط مزيد تيقظ وانتباه، وإن كنت
فقط آمل أن يظل ضغطا فى إطاره الصحى الإيجابى لئلا يتحول إلى مناخ من
التربص يعيق عن العمل بأكثر مما يفيد.