محمود داود يكتب:أوقات عصيبة وأحداث حقيقية حدثت لي يوم أمس
| Date: 2012-01-06 09:14:06 | |
أوقات عصيبة وأحداث حقيقية وقعت لي الليلة الماضيةربما تكون القصة طويلة بعض الشىء ولكن أشعر أن فيها من الفوائد لذلك كتبتها وأرجو قراءتها كاملة"أذن
أذان الظهر وأنا في السرير ولا أستطيع أن أقوم من شدة درجة حرارة جسمي
فكانت مرتفعة جداً وهناك احتقان في اللوزتين , ولم يكن هناك في المنزل غير
والدتي , وأنا أحتاج للمساعدة , وإذا أخبرتها بأني مصاب بمكروه فسيقلقها
ذلك كثيراً.
تحملت حتى أذن العصر , فوجدت "
بنت أختي"
تطرق الباب.وفتحت لها والدتي.فقد عادت من المدرسة فهي تبلغ من العمر 17
سنه , فناديت عليها وقلتُ لها: أذهبي إلى الصيدلية وأخبري الصيدلي بأني
أعاني من ارتفاع في درجة الحرارة وأريد "حقنة" مخفضة للحرارة..فذهبت ولم
تتأخر..فقلتُ لها: هتعرفي تديني الحقنه؟ فابتسمت وقالت:يا خالو
متقلقش..فأخذتُ الحقنه بالفعل.وأذن المغرب وأنا مازلت بالسرير.
شعرتُ بنوع من التحسن وانخفاض لدرجة الحرارة.فقمت وتناولت بعض الطعام حتى يكون هناك مقاومة للمرض.
ومرت
الساعات كعادتها بسرعة البرق , وخيم الظلام , وعم الصمت على المنزل حتى
جاءت الساعة الثالثة بعد منتصف الليل , وأسمع صوت والدتي تنادي عليّ:
يا محمود .. يا محمود .
فتركت الكمبيوتر مسرعاً إلى الغرفة الأخرى..ماذا حدث ؟
فوجدتُ "
بنت أختي" طريحة الفراش وعيناها مفتوحتان ولا تتحرك..إنها في غيبوبة شديدة..وأختي بجانبها:تبكي..وها هي
مرضت مَن كانت تداويني وأنا تحسنت صحتي قليلاًً..سبحان مغير الأحوال.
فقلت
لها سنذهب إلى المستشفى الآن.فخرجت إلى الشارع والظلام شديد و البرد قاس
حتى أجد وسيلة مواصلات.فلم أجد..فنظرت صاحب "محل" على الشارع العمومي ولديه
سيارة.فركبها وشغل محركات السيارة..فشاهدني وأنا أنظر يميناً ويساراً على
أي وسيلة مواصلات..فقال لي: خير في حاجة ؟ قلت في نفسي الحمد لله وجدت
الوسيلة , فقلت له: بنت أختي مريضة..وحيائي منعني أن أطلب منه أن يأخذنا
معه إلى المستشفى فهي تبعد عنا ثلاث دقائق فقط..فكان رده:
ألف سلامة عليها..ثم ذهب !فكنت
أشعر ببعض التعب من أثر أحتقان اللوزتين وأشعر ان هناك شروخ في
عظامي..فتمالكت..وكنت أقول في نفسي"يارب يارب".فذهب بصري إلى الجانب الآخر
من الشارع..فوجدت بعض أصحاب المحلات يتعاطون"المخدرات" ولديهم سيارة
يملكها واحد منهم..فقلت سأذهب وأطلب منهم إن لم تأت أي وسيلة مواصلات أخرى
خلال أربع دقائق..فأدرت وجهي إلى يسار الطريق..فوجدت "
توكتوك"
ولا أجد غيره..فقلت لا إشكال ويارب يقف ويساعدني..فشاروت له
بيدي..فوقف..وقال لي أنا ذاهب إلى الطريق الفلاني..فقلتُ له وأنا ذاهب إلى
المنطقة الفلانية ولم أذكر له أني ذاهب إلى المستشفى..فقال لي:معلش الزبون
مستنيني هناك..فقت له:أنا بنت أختي مريضة وأريد الذهاب إلى المستشفى..فلم
يتأخر لحظة..ودخل معي إلى أمام منزلنا.
ثم دخلت وحملت أبنة أختي لأجلسها في "
التوكتوك " الضيق..فأجلستها بعد عناء شديد لأنها فاقدة الوعي تماماً.
خلال
ثلاث دقائق وصلنا إلى المستشفى..فحملتها إلى "كرسي له عجل خاص بالمعاقين"
وذهبت بها إلى حجرة الطبيب..فقال الطبيب:مما تعاني؟ فقالت أختي:جاءت لها
غيبوبة..فقال: وهل أتت لها غيبوبة من قبل؟ فقالت أختي: نعم من حوالي عدة
أشهر جاءت لها عدة حالات مشابهة وعندما كشفنا عليها قال الاطباء هناك مشكلة
في"كرات الدم البيضاء" ويؤدي ذلك إلى نقص في نسبة السكر
بالدم..فقال:اذهبوا إلى الحجرة المجاورة ليقيسوا لها نسبة السكر.
فحركت"
الكرسي" حتى ذهبت للغرفة المجاورة فأجد"
ممرضة"
يغلب عليها النعاس ولم تستطيع ان تتحرك من مكانها..فقالت:قربوا لي أصبع من
أصابعها..ففعلنا..فأخذت منها عينة دم لتقيس نسبة السكر..فكانت النسبة: 26
.أي منخفضة جداً.
فقالت أدخلوها إلى غرفة الاستقبال..وغرفة الاستقبال غرفة فيها "4" من السراير .
فدخلت الغرفة ولا يوجد أحد فيها..فقالت ضعوها هنا .وكانت تشاور إلى السرير رقم "1" فقلت في نفسي:
يا
إلهي !! أنا جئت إلى هذا المكان في آخر يوم من رمضان قبل الماضي وقت مرض
والدتي التي كانت تجلس على السرير رقم"3" وكان هناك رجل عجوز يجلس على
السرير رقم"1" ومات في دقائق معدودة.فأصحبت اتشائم من السرير رقم
"1"..فتذكرت أني قرأت حديث في يوم من الأيام لسيدنا محمد عليه الصلاة والسلام وينهانا فيه عن التشاؤم ولم أتذكر كلماته..فأطمئن قلبي.
فأجلسناها
على السرير رقم"1" وجاءت الممرضة لتضع لها"الجولوكوز" وتبحث عن "وريد"لتضع
فيه"سن الأبره" وتعلق لها "الجلوكوز" فكانت معظم الأوردة بلغة الاطباء"
هربانة" فلم تجد إلا في"رقبتها" فغرست فيها"الإبره" وعلقت لها الجلوكوز".
وبعد
خمسة دقائق بدأت تعود للوعي مرة اخرى..فقلتُ الحمد لله..ولكن سرعان ما
وجدتها أصيبت " بحالة تشنج رهيبة" فجاء الطبيب وأمر الممرضة أن تعطيها
حقنة"مهدئة" وفعلت ذلك..فهدأت حتى نامت..
فهدأت الغرفة..وهدأت المستشفى لأن الوقت كان متأخر جداً.وحل الصمت على المكان.فذهبت لأحد الأسرة لأستريح عليه فكان السرير رقم
"2" ولم تمر دقيقة من الوقت..وإلا أسمع إلى "صراخ شديد جداً" من خارج غرفة الاستقبال.
أرتجف
قلبي بشدة وأنا في حيرة من أمري..هل أذهب لأرى ماذا يحدث ! أم أبق في
مكاني حتى لا أشاهد منظر يؤذيني..ترددت لثوان معدودة..فخرجت مسرعاً خارج
الغرفة.
فوجدت رجل يجلس على "
كرسي بعجلات" وأمرأة في الخمسينات من عمرها تمسك فيه"وتصرخ بشدة" فيبدو عليها زوجته. و بجانبها مجموعة من بعض اقاربها.
فذهبوا
به إلى نفس غرفة الاستقبال لانه لا يوجد غيرها بالمستشفى . فوضعوه على
السرير رقم"3" فدخلت زوجتة الغرفة وهي تصرخ بشدة..فوضعت هذه السيدة والتي
هي لي بمثابة أمي رأسها على صدري وتردد" مات ده مات وتصرخ بشدة وتضرب على
كتفي بشدة" برغم أني لا أعرفها ولا تعرفني.. فحاولت ان اهديها فقلت لها
"خير يا أمي متقلقيش وقولي يارب" فقلتً في نفسي:يا ترى إذا مات زوجها فماذا
ستفعل وهي الآن تصرخ بشدة وهو على قيد الحياة ولكن فاقد الوعي! فأكملت
وقلتُ:يارب ألطف بعبادك وتذكرت الدعاء بإسم الله الأعظم:اللهم أني ا أسألك
بأني أشهد انك انت الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد
ولم يكن له كفواً أحد أن تشفي هذا الرجل.
فجاء رجل الآمن ليخرج زوجته لان الدكتور طلب ذلك.فأخرجها بالفعل وحاول أقاربها معها حتى خرجت خارج الغرفة..واغلقوا الباب.
ولم تمر دقيقة من الوقت وخرج الطبيب وأقارب المريض وتركوه..ولم يكن هناك بالغرفة غيري وبنت أختي وأختي.
فدفعني
الفضول لأذهب وأنظر إلى الرجل المريض فإذا به مطروح على السرير ولم يحرك
ساكنا..فقلت في نفسي:هل هذا الرجل مات أم لا؟! فأمعنت النظر على صدره حتى
أرى هل يتنفس أم لا.. فأحسست ان "
البالطو"
الذي كان يرتديه الرجل يصعد وينزل للحظة واحدة..فنظرت في وجهة حتى أنظر هل
يحرك عينيه أو جفنه أو أي شىء..فسمعت صوت "عجلات سرير متحرك"تقترب من
الباب..فعُدت مسرعاً إلى مكاني.
و وجدت باب الغرفة يُفتح ويدخل منه عامل
الامن ويدفع بيده"سرير صغير متحرك بعجلات" ومعه بعض الرجال من أقارب الشخص
المريض وهم في منتهى الهدوء ..و زوجته في حالة صمت..فأسرعت في اتجاههم
لإساعدهم في حمل الرجل العجوز لننقله إلى السرير الصغير ومن ثم ننقله إلى
سيارة الأسعاف..وقلت: ربما سينقلونه إلى مستشفى كبيرة ومتطورة..فقال لي
قريبة:
شيل معنا وأمسك أيده..ففعلت
ولم أتأخر..وأمسكت بيده..و وجدت رجل الآمن يردد بصوت خافت: أشهد أن لا إله
إلا الله..ثم نظرت إلى وجوه أقرباء هذا الرجل فوجدتهم في حالة
هدوء..فقلتُ:أكيد الشخص المريض في حالة غيبوبة وسينقلونه إلى مستشفى أخرى
بالفعل.
فدفعنا السرير المتحرك وأنا مازلت أمسك بيده على السرير وأضعها
إلى جانبه حتى لا تسقط وتعيق خروجه من غرفة الإستقبال..فخرجنا إلى باب
المستشفى و وضعناه في سيارة"تاكسي" وزوجته تنظر إلينا ونحن نحمله وقد
أخبروها أقاربها بأن زوجها بخير ولكن في غيبوبة وسننقله إلى مستشفى
آخرى..فركبت زوجتة التاكسي وهي في حالة هدوء لانها قد اطمئنت من اقاربها ان
زوجها بخير..وركب معها أقربها ..وغادر "التاكسي" المستشفى.
فعدتُ في هدوء إلى غرفة الإستقبال لاطمئن على بنت أختي..فلم أجد الممرضة.فذهبت
إلى غرفة الممرضة لأخبرها بأن ابنة أختي فاقت ونحتاج أن ننزع عنها "الإبره
الخاصة بالجلوكوز من رقبتها"..فطرقت باب غرفة الممرضة ودخلت: فقلت لها: لو
سمحتي تعالي شيلي الإبره أحنا خلاص هنمشي..فقالت:حاضر.
فقلت لها: هو الحاج اللي كان على السرير رقم
"3" اللي خرجناه دلوقتي..هو عنده أيه بالظبط ؟
فقالت لي: ده مات .. قلت لها : نعم!! قالت لي: أيوة مات..
فشعرتُ بأن صاعقة نزلت على مسامعي..أنا كنت أمسك بيد رجل ميت؟! أنا كنت اتأمل في وجه رجل ميت؟ أنا كنت بجانب سرير رجل ميت؟
يا ربااااه.. ملك الموت كان معنا في غرفة الإستقبال؟ ملك الموت كان يقف على بعد سنتيمترات مني ولم أشعر به!
فتذكرت
زوجة هذا الرجل: يا الله ..فهي ركبت سيارة "التاكسي" وهي في علمها أن
زوجها على قيد الحياة..ولكن وا أسفاه يا "أمي" إنه قد مات وفارقت روحه
جسده.. فقلتً: كيف ستستقبل هذا الخبر وهي كانت ستموت من شدة الصراخ على
زوجها وهو في حالة المرض أثناء وصوله للمستشفى؟! فما بالكم عندما تعلم أنه
قد مات بالفعل؟!
كم أنت قاس يا هاااااااااااادم اللذات ! كم تفرق بين المرء و زوجة ! والأب وأولاده !
فشُفيت
أبنة أختي التي كانت تجلس على السرير الذي كنت للحظات اتشائم منه
رقم"1"..ومات الذي كان يجلس على السرير الذي لم أكن أتشائم منه رقم"3"
كيف سأموت أنا ؟ وفي أي مكان؟ ومتى ؟ وكيف سيتحمل أهلي فراقي؟ إذا سبقتهم للقبور.
كيف سيموت والدي ؟! وفي أي مكان؟ وكيف سأستحمل فراقة ؟
كيف
ستموت والدتي التي أحبها أكثر من نفسي وأعيش في سلام ببركة دعاءها ؟ وفي
أي مكان؟ وكيف سأتحمل فراقها؟ فأدعو الله أن يجعل يوم وفاتي قبل يومها
...أوااه من الفراق و لوعته .
كم أنت حقيرة أيتها الدنيا الفانية ! نعم أنتِ بالفعل دُنيا . أين ألائك الذين يتسارعون للفوز بك !
انطقي
أيتها الدنيا وأخبريهم أنك زائلة وهم سيقلعوا عنك في يوم من
الأيام..أخبريهم أن لا يعملوا لك وأن يعملوا للآخرة فهي أبقى ! أين
الباحثين عن المال وجمع الكنائز!
انطقي أيتها الزائلة وأخبري كل صاحب هم أن همه لن يدوم كثيراً لأننا نقضى معك مجرد وقت..مجرد حلم صغير وسنفيق منه بعد حين !
انطقي
أيتها الزائلة وأخبري الشاب الحزين لأنه لم يتزوج ! والشاب الذي دُمرت
حياته لأنه لم يحصل على عمل! والشاب الذي يرى الدنيا سوداء لانه لم يهنىء
في حياته ولم يجد السيارة الفارهة والحياة المرفهة ويندب حظة كل ساعة !
أخبريهم بأن كل هذه الأشياء مجرد أحلام..نعم مجرد أحلام وسيفيقون منها عما
قريب!
اللهم أحسن ختامنا وتوفنا وأنت راض عنا غير غضبان وهون علينا سكرات هادم اللذات وعذاب القبر وصبرنا على لوعة الفراق.كتبه محمود داود -ميموللتواصل مع الكاتب عبر الفيس بوك من هنا للتواصل مع الكاتب عبر تويتر من هنا