موقع الشيخ مصطفى خميس للقرآن الكريم
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

موقع الشيخ مصطفى خميس للقرآن الكريم

الشيخ مصطفى خميس القرآن الكريم ادعية فديو مصحف معلم
 
الفديوالفديو  الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
» سورة الزمر2012قل يا عبادى الشيخ مصطفى خميس
الصفويون ودورهم الهدّام في تاريخ الأمة Emptyالإثنين يناير 13, 2014 12:41 pm من طرف Ø§Ù„مدير العام

» سورة يس الشيخ مصطفى خميس من صلاة التراويح
الصفويون ودورهم الهدّام في تاريخ الأمة Emptyالإثنين يناير 13, 2014 12:34 pm من طرف Ø§Ù„مدير العام

»  سورة الشورى الشيخ مصطفى خميس 2012
الصفويون ودورهم الهدّام في تاريخ الأمة Emptyالثلاثاء سبتمبر 04, 2012 2:21 pm من طرف Ø§Ù„مدير العام

»  دعاء ليلة25 الشيخ مصطفى خميس 2012
الصفويون ودورهم الهدّام في تاريخ الأمة Emptyالخميس أغسطس 30, 2012 4:00 pm من طرف Ø§Ù„مدير العام

»  سورةالطارق الشيخ مصطفى خميس 2012
الصفويون ودورهم الهدّام في تاريخ الأمة Emptyالإثنين أغسطس 27, 2012 11:28 am من طرف Ø§Ù„مدير العام

»  سورةالاعلى الشيخ مصطفى خميس 2012
الصفويون ودورهم الهدّام في تاريخ الأمة Emptyالإثنين أغسطس 27, 2012 11:25 am من طرف Ø§Ù„مدير العام

»  سورة البلد الشيخ مصطفى خميس 2012
الصفويون ودورهم الهدّام في تاريخ الأمة Emptyالإثنين أغسطس 27, 2012 11:10 am من طرف Ø§Ù„مدير العام

»  سورة الانفطار الشيخ مصطفى خميس 2012
الصفويون ودورهم الهدّام في تاريخ الأمة Emptyالإثنين أغسطس 27, 2012 11:07 am من طرف Ø§Ù„مدير العام

»  سورة الانشقاق الشيخ مصطفى خميس 2012
الصفويون ودورهم الهدّام في تاريخ الأمة Emptyالإثنين أغسطس 27, 2012 10:59 am من طرف Ø§Ù„مدير العام

ازرار التصفُّح
 البوابة
 الفهرس
 قائمة الاعضاء
 البيانات الشخصية
 س .و .ج
 ابحـث
منتدى
التبادل الاعلاني
pubarab
مايو 2024
الإثنينالثلاثاءالأربعاءالخميسالجمعةالسبتالأحد
  12345
6789101112
13141516171819
20212223242526
2728293031  
اليوميةاليومية

 

 الصفويون ودورهم الهدّام في تاريخ الأمة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
المدير العام
Admin
المدير العام


ذكر عدد الرسائل : 2383
العمر : 48
الموقع : كفر الدوار بحيرة مصر
العمل/الترفيه : مدرس جغرافيا
المزاج : الحمد لله
نقاط : 5401
تاريخ التسجيل : 30/09/2008

الصفويون ودورهم الهدّام في تاريخ الأمة Empty
مُساهمةموضوع: الصفويون ودورهم الهدّام في تاريخ الأمة   الصفويون ودورهم الهدّام في تاريخ الأمة Emptyالثلاثاء يناير 05, 2010 6:59 pm







عمار المشهداني
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
وبعد:
فكثيرةٌ
هي المحطات في تاريخ أمَّتِنا الطويل، والتي تستحق منَّا وقفاتِ تأمُّلٍ
واستبصار، لا للتغني أو التأسي بها؛ بل ليكون هذا التأملُ والاستبصار
مُعِينًا على فهم الواقع المعاصر وملابساته، ولمعرفة خلفيات الكثير من
الظواهر، والأحداث، والرموز الكبيرة المؤثِّرة في هذا العصر، والتي غفل
عنها البعضُ أو تغافلوا؛ ولكي يكون ذلك - أيضًا - عاملاً مساعدًا لفهم
حركة التاريخ، وفهم السنن الإلهية المضطردة في الأفراد والأمم والمجتمعات،
والتي تحكم هذه الحركة؛ ولكي يكون ذلك - أيضًا - دافعًا لنا للانطلاق
للأمام، ومحفزًا لعملية التغيير الإيجابي المنشود، الذي يتجاوز المظاهرَ
الخادعة، والشعاراتِ الرنانة، والعناوينَ الكبيرة، التي يراد لها أن تعبر
عن أمور التي يراد لها أن تعبر عن أمور ليس لها ما يسندها دينيًّا، أو
تاريخيًّا، وواقعيًّا، بزعم من يروجون ويطبلون لها صباح مساء!

إن دراسة العهد الصفوي وتاريخ الصفويين، من تلك المحطات التي تحتاج إلى مثل هذه الوقفات المتأملة المستبصِرة.

وذاك يعود في نظرنا إلى عدة أسباب، منها:
أولاً:
أن عهد الصفويين ليس عهدًا بعيدًا من الناحية الزمنية؛ فتاريخ ظهورهم على
مسرح الأحداث كان على يد زعيمهم إسماعيل الصفوي عام 1501م؛ أي: قبل حوالي
خمسة قرون تقريبًا.


ثانيًا:
أن دولتهم التي أسَّسها إسماعيلُ الصفوي على كامل الأراضي الإيرانية
تقريبًا، كانت دولةً قوية، واستطاع الشاه أن يوسعها ويضمَّ لها العديد من
المدن والأقاليم التي كانت متفرِّقة ومتشرذمة، عقب انحطاط دولة تيمور لنك
وتفككها إلى دويلات متناحرة.


ثالثًا:
أن هذه الدولة اتخذتْ من المذهب الشيعي الاثني عشري مذهبًا رسميًّا
للبلاد، وفرضتْه بقوة السلاح والإرهاب، وأصبحت الممثلةَ الرسمية له،
والمدافعة عنه في وجه الدولة العثمانية التي كانت تمثِّل الإسلام السُّني،
وقد كان ذلك التضاد في التوجهات مفتاحًا لصراع دمويٍّ دام زهاء ثلاثة قرون.


رابعًا:
أن الصراع الطويل بين العثمانيين والصفويين لم يكن عسكريًّا فحسب؛ بل كان
صراعًا فكريًّا أيضًا، ولعل ذاك أخطر ما فيه، وبالنسبة للصفويين كان
صراعهم مع العثمانيين ليس صراعَ إثباتِ وجودٍ فحسب؛ بل كان صراعًا على
الزعامة أو المرجعية الإسلامية، التي يدَّعون أنهم يمثِّلونها، وبإيحاء من
تلك المعتقدات ذات التوجُّه الباطني، التي تعطي لهم هذا الحقَّ بزعمهم.


خامسًا:
أن الصفويين إبان نشأة دولتهم قد أحيَوْا بعضَ العقائد والمعتقدات الشيعية
المغالية، والتي اندثرتْ مع انهيار دولة البويهيين في بغداد، والدولة
الفاطمية في مصر، ولا عجب أن تشير بعض المصادر التاريخية إلى وجود آثارٍ
لبعض أتباع الفاطميين ومواليهم في تلك الدولة الناشئة، مع التذكير بأن دور
الصفويين لم يقتصر على الإحياء؛ بل التطوير والتجديد والابتكار، بحيث
انتهتْ إليهم زعامةُ الفكر الشيعي الذي ما زالتْ أغلبُ مظاهره موجودةً
ومؤثِّرة إلى وقتنا هذا.


سادسًا:
أن تاريخ الدولة الصفوية يؤكِّدُ مرةً أخرى على دور اليهود في كل عصر، وفي
كل زمان، وفي كل حدث، وبنسق لا يوحي بالعجب فحسب؛ بل بقدرة هذه الجماعة
على التغلغل والتأثير في حركة التاريخ، وعلى طول الخط، كما سنرى.


سابعًا:
أن نشأة الفكر الصفوي في تلك الرقعةِ من العالم، يشير إلى خطورة دور
البيئة الفاسدة في نشأة الفرق والطغاة والعقائد المنحرفة، وإلى دور
الاستبداد من جهة أخرى في المساعدة على نشْرها، وكذلك إلى أساليب بعض
الكذَّابين في التأثير على العوام، ومدى خطورة أن تترك البدع تعشعش في
المجتمعات الإسلامية وأن تهمل؛ لأنها سوف تتشعبُ وتنتشر في المجتمع،
وتتجدد مع الزمن، ومع توفر الظروف الملائمة، وبأثوابٍ أخرى، وطرقٍ متنوعة.


ومن
هذه المقدمة اليسيرة، سنحاول تسليط الضوء على هذه الفرقة، التي لعبتْ
دورًا مهمًّا وخطيرًا ومؤثِّرًا في تاريخ أمَّتِنا الإسلامية.


من هم الصفويون؟
يُنسب
الصفويون - كما تؤكِّد المصادر التاريخية - إلى الشيخ إسحاق صفي الدين بن
جبرائيل الأردبيلي (650- 735هـ/ 1252- 1334م)، وهو الجد الأعلى لإسماعيل
الصفوي مؤسس الدولة الصفوية، وهو تركماني الأصل من مدينة أردبيل في
أذربيجان، التي تبعد 35 ميلاً عن الساحل الجنوبي الغربي لبحر قزوين، ويزعم
مؤرخو الدولة الصفوية أن صفي الدين هذا من أحفاد الإمام موسى الكاظم - رضي
الله عنه - شأنهم في ذلك شأن كل المتصوفة، الذين يستغلُّون هذه الصلة؛
لتسهيل نشر أفكارهم ومعتقداتهم، مستغلين بذلك تعاطُفَ الناس وانجذابهم لكل
ما يمت للنبي - عليه الصلاة والسلام - بصلة.

وتؤكِّد
المصادر أيضًا أنه هو وابنه صدر الدين، كانا من أهل السنة شافعية المذهب،
وكان صفي الدين من المتصوفة، وله تنسب الطريقةُ الصفوية في أردبيل مسقط
رأسه، وكان له عدد كبير من الأتباع والمريدين والمتصوفة والدراويش، الذين
نشروا دعوتهم في كل الأرضي الإيرانية، وفي العراق، وبلاد الشام، ومدن
أخرى، وكانت طريقتهم الباطنية غايةً في الغلو، على غرار الطرق الموجودة
حينها في بلاد الأناضول، ومن هذه الطرق المشهورة الآخية والبكتاشية، ومن
هنا كانت بداية الانحراف.


يقول
الأستاذ علاء الدين المدرس في كتابه "الصراع الصفوي العثماني": "إن حفيد
صفي الدين - الخوجة علي، الذي تولى رئاسة الطريقة سنة (801 هـ/ 1339م) -
تحوَّل إلى التشيع، وكان معتدلاً غير متعصب لمذهبه الجديد، غير أن ابنه
إبراهيم أصبح متعصبًا ومتحمسًا للاثني عشرية، فقاد أتباعَه للصراع مع أهل
السنة في داغستان، وخلف في نفس الطريقة ابنه الشيخ حيدر والد إسماعيل
الصفوي، والذي تولى رئاسة جماعته سنة (859هـ/ 1455م)، وكان أتباعه من
التركمان وليس الإيرانيين، وكانوا يسمون بالفزلباشية؛ أي: ذوي الرؤوس
الحمراء، وقد تزوَّج الشيخ حيدر من مارتا بنت حسن الطويل، مؤسس دولة
الخروف الأبيض التي حكمت شمال غرب إيران، وأمها - أي: زوجة حسن الطويل -
نصرانية اسمها كاترينا، وهي ابنة كارلو يوحنا ملك مملكة طرايزون
اليونانية، يقول كارل بروكلمان: وإلى هذه المصاهرة بالأسرة اليونانية يعود
أصل عداء إسماعيل الصفوي للعثمانيين، الذين كانوا - في عهد سلطانهم محمد
الثاني - قد قضوا على تلك الأسرة الحاكمة لطرايزون، وقاموا بسَوْق آخر
أباطرتها ونبلائها ومعظم سكانها إلى أسواق الرقيق، ويريد هذا المستشرق أن
يعود بسبب الصراع العثماني الصفوي إلى سببٍ عائلي شخصي - ولا يخفى على أحد
ما لهذا الإيحاء من دلالات - مستبعدًا العامل المذهبي، وهذا ليس صحيحًا؛
بل العاملان معًا كانا سببًا في الصراع.


وكان
الشيخ حيدر متعصبًا لمذهبه، مقاتلاً في سبيله، حتى قتل في صراعه مع ملك
شيروان الفارسي المتعصب لسنيَّته، وكان من أعمال الشيخ حيدر الصفوي أنه
نسب إليه تشكيل القوات العسكرية الصفوية، وابتكار رداء للرأس سمي تاج
حيدري، وهو عبارة عن عمامة قرمزية بها اثنتا عشرة قنزعة، نسبة إلى عدد
الأئمة الاثني عشر عند الشيعة، وخلفه ثلاثة أولاد، أصغرهم كان إسماعيل.


إسماعيل الصفوي وبداية الدولة الصفوية:
من
الطبيعي أن تكون لكل تلك الظروف والأحداث، والمواقفِ والمتغيرات، وعواملِ
البيئة والوراثة - تأثيرُها في شخصية الشاه إسماعيل مؤسس الدولة الصفوية؛
فهو نشأ في بيئة مضطربة، تعج بالفتن والحروب، والخرافة والخزعبلات، التي
أوجدتْها الفرقُ الصوفية الغالية والضالَّة، والتي ينحدر الشاه نفسه من
أحدها، وأيضًا أجداده قد عاشوا في كنف تيمور لنك، الذي قرَّبهم منه مع كل
أصحاب الطرق الصوفية؛ لأسباب سياسية؛ نظرًا لمكانتهم بين الناس حينها،
ومعروف عن تيمور لنك هذا أنه كان من أبشع الحكام سيرةً وسريرة في ذاك
العصر، وأكثرهم فتكًا وتعصبًا، وكان الصوفية المعاصرون له - كما يقول
الدكتور كامل الشيبي في كتابه "الفكر الشيعي والنزعات الصوفية" - يدْعون
له ويؤيِّدونه، ويعتبرون أعماله كراماتٍ صادرةً عن إلهام إلهي، وهاتف
سماوي، وأنباء الغيب، وأخذ يتقرَّب من شيعة خراسان الذين اشتدَّ أمرُهم
هناك، ولكي يبسط نفوذه عليهم؛ أَمَرَ بصكِّ العملة بأسماء الأئمة الاثني
عشر، والخطبةِ بأسمائهم، واحتل الشام تحت شعار الانتقام من أبناء يزيد
ثأرًا للحسين - رضي الله عنه.


هذا فيما يتعلق بالبيئة الخارجية التي نشأ فيها إسماعيل الصفوي وأجداده.

ومن
جهة الأسرة، فقد نشأ يتيمَ الأب، فقد قُتل أبوه وعمرُه سنة واحدة، ولا
يخفى على أحد أن لوالدته مارتا بنت حسن الطويل، وأمها النصرانية كاترينا -
دورًا مهمًّا في تربيته بعد وفاة أبيه المبكرة.


تولَّى
الزعامة وعمره لم يتجاوز الثلاثَ عشرة سنة، وخاض عدةَ معاركَ طاحنةٍ مع
ملك شيروان؛ ثأرًا لجده وأبيه اللذين قُتلا هناك، وألحق الهزيمة بملكها
فرخ يسار، وذلك سنة 1500م، وتذكر المصادر التاريخية - ومنها "البدر الطالع
بمحاسن من بعد القرن السابع" - أن الشاه إسماعيل - إمعانًا في قسوته وحقده
- وضع فرخ يسار ملك شيروان الذي وقع أسيرًا، في قِدْرٍ كبير، وأمر أتباعه
بأكله!


وتمكَّن
بعدها من الاستيلاء على تبريز، بعد معارك مع الوند ميرزا حاكم الآق قوينلو
في أذربيجان، وانتصر عليهم، وهناك أعلن قيام الدولة الصفوية عام (907 هـ/
1501م)، ووضع تاج أبيه الديباجي على رأسه، واستطاع خلال سنوات من توسيع
حدود دولته، وأصبحتْ عاصمتها أصفهان، حيث ضم إليها ما وراء النهر وقفقاسيا
والعراق.


كيف نشر إسماعيل الصفوي مذهبه في إيران؟
لقد
كان هذا الرجل داهية عصره، وسفاح زمانه، وكان طموحه المجنون لا يحدُّه
حدٌّ، استطاع أن يفرض المذهب الشيعيَّ على أتباعه وجنوده أولاً؛ بغية
التمايز المذهبي، ثم عمد إلى نشره بين الإيرانيين بالقوة، واستخدم لذلك
كلَّ الوسائل المتاحة، سواء ما كان منها يعتمد على القوة والسلاح والقهر،
أو تلك التي تعتمد على الإيحاء والمكر، والتأثير النفسي، ودغدغة مشاعر
العوام، وتهييج عواطفهم بشتى الوسائل، من الناس الذين يسير بعضُهم خلف
كلِّ ناعق وصاحب سلطان، وكانت جلُّ دعوته تركز على إظهار السبِّ واللعن
للخلفاء الراشدين الثلاثة، وقد قام بامتحان الإيرانيين بذلك، وأمر بأن
يعلن السبّ في الشوارع، وعلى المنابر، وفي الأسواق.


وتذكر
المصادر التاريخية تفاصيلَ مروعةً عن طريقة نشره للمذهب الشيعي في إيران،
حيث يقول عنه قطب الدين الحنفي - وكما جاء في كتاب "البدر الطالع بمحاسن
من بعد القرن السابع" -: "إنه قتل زيادة على ألف ألف نفس، بحيث لا يعهد في
الجاهلية، ولا في الإسلام، ولا في الأمم السابقة من قبل في قتل النفوس ما
قتل إسماعيلُ الصفوي، وقتل عدة من أعظم العلماء، بحيث لم يبقَ من أهل
العلم أحدٌ من بلاد العجم، وأحرق جميع كتبهم ومصاحفهم، وكان شديد الرفض،
بخلاف آبائه".


وتؤكِّد
المصادر أيضًا أنه لما دخل بغداد سنة 1508م، أعلن سبَّ الخلفاء، وقَتَلَ
الكثير من أهل السنة، ونبش قبر الإمام أبي حنيفة - رضي الله تبارك وتعالى
عنه.


أما
الأسلوب الثاني، فكان أسلوبًا ماكرًا، باطنيًّا خبيثًا متسلسلاً، ابتدأ
أولاً مع بداية دعوته، وكما تذكر كتب التاريخ الشيعي - ومنها كتاب "تاريخ
الشاه إسماعيل"، وكتاب "عالم آراي صفوي" - "أنه أخذ إجازة من المهدي
المنتظر في الثورة والخروج على أمراء التركمان، الذين كانوا يحكمون إيران،
وأنه كان مرة في رحلة صيد، فدخل كهفًا وخرج، فادَّعى أنه الْتقى بالمهدي،
وأنه حثَّه على إعلان الدولة الصفوية، وقد ادَّعى بعد ذلك أنه رأى الإمامَ
عليًّا في المنام".


ومن
هنا كانت هاتان الدعوتان مسوغًا كافيًا لإعلان دعوته، وإنشاء دولته،
وبتعبير الأستاذ أحمد الكاتب - الكاتب الشيعي المعتدل المعروف -: فإن
هاتين الدعوتين أتاحتا للحركة الصفوية أن تتحرَّر من فكرة انتظار الإمام
وتأسيس الدولة الاثني عشرية؛ وبناءً على ذلك فقد كان الشاه يعتبر نفسه
نائبًا عن الله، وخليفة رسول الله والأئمة المعصومين، وممثل الإمام المهدي
في غيبته، وكان جنوده يعتبرونه تجسيدًا لروح الله.


يقول
الدكتور مصطفى الشيبي: لقد كان إسماعيل رجلاً صوفيًّا، ومن شأن الصوفية أن
تؤمن بالكشف؛ أي: الإلهام الغيبي، وقد كان يعلن لمريديه أنه لا تحرُّك إلا
بمقتضى أوامر الأئمة الاثني عشر، وأنه معصوم، وليس بينه وبين المهدي فاصل.


ولا
يخفى على أحد أن هذه الأفكار هي التي شكلت النواةَ الأولى لفكرة ولاية
الفقيه، التي أقام الخميني قائد الثورة الإيرانية على أساسها دولتَه عام
1979م، وما زالت حتى الآن.


ومن الأساليب التي اعتمدها الشاه إسماعيل أيضًا في التأثير على العوام:
أنه أمَرَ بتنظيم الاحتفال بذكرى مقتل الحسين السبط - رضوان الله عليه -
رغم أنه تقليدٌ بالٍ كان على أيام البويهيين، وكان قد أمر به معز الدولة
ابن بويه - قبَّحه الله - سنة 352هـ، وأمر كذلك - كما يقول ابن كثير في
"البداية والنهاية" - "أن تُغلق الأسواق، وأن يلبس النساء المسوح من
الشعر، وأن يخرجن في الأسواق حاسرات عن وجوههن، ناشرات شعورهن، يلطمن
وجوههن، وفي عشر ذي الحجة أمر كذلك بإظهار الزينة في بغداد، وأن تفتح
الأسواق في الليل كما في الأعياد، وأن تضرب الدبادب والبوقات، وأن تشعل
النيران في أبواب الأمراء وعند الشرط؛ فرحًا بعيد الغدير - غدير خم - فكان
وقتًا عجيبًا، وبدعة شنيعة ظاهرة منكرة"، وقد قام الشاه بتطوير هذه
البدعة، وأضاف لها مجالس التعزية، وقد تطوَّرت هذه البدع الشنيعة في عهد
الدولة القاجارية، ليصار إلى تمثيلها فيما يعرف بالتماثيل أو التشابيه،
واللطم، وضرب السيوف، وهو قريب مما يفعله بعض الصوفية قديمًا وحديثًا،
التي تؤدى فيه الواقعة بشكل تمثيلي مؤثِّر في نفوس العامة في الشوارع، وكل
عام، وقد آتتْ هذه الوسائل أُكُلها في تثبيت التشيع بصورته المغالية هذه.


وإمعانًا
في بدعته؛ فقد أمر بإدخال الشهادة الثالثة في الأذان، تذكر بعض المصادر
أنه - وفي فترات لاحقة - كان يؤذن بأسماء الأئمة جميعًا، وكذلك صنع التربة
الحسينية للسجود، والتي لم تكن معروفة حتى أيام الدولة البويهية والفاطمية
في القرنين الثالث والرابع الهجريين، وكما صرَّح بذلك صاحب كتاب "من لا
يحضره الفقيه".


الصراع مع الدولة العثمانية وتآمره عليها:
كان
من الطبيعي أمام هذا الوضع الشاذ والغريب، وأمام هذه المنكرات والبدع
المستحدثة، وأمام هذا التغطرس الصفوي الإسماعيلي: أن تكون هناك ردة فعل
عنيفة جدًّا لدى العثمانيين، يقول الدكتور الصلابي في كتابه "الدولة
العثمانية": "كان من الطبيعي أن يتصدَّى لتلك الدعوة السلطان سليم زعيم
الدولة السُّنية، فأعلن في اجتماع لكبار رجال الدولة، والقضاة، ورجال
الساسة، وهيئة العلماء في عام 920 هـ/ 1514م: أن إيران بحكومتها الشيعية
ومذهبها الشيعي يمثلان خطرًا، لا على الدولة العثمانية؛ بل على العالم
الإسلامي كله، وأنه لهذا يرى الجهاد المقدس ضد الصفويين"، وقد مكَّن الله
- تعالى - العثمانيين من سحق الصفويين على أرضهم في معركة جالديران عام
1514م، واضطر بعدها الشاه للفرار هو ومن بقي معه، ووقعت إحدى زوجاته في
الأسر، غير أن السلطان سليم ترك الشاه إسماعيل يفرُّ مع عدم تعقبه؛ بسبب
فتنة الانكشارية في جيشه، الذين امتنعوا عن المطاردة؛ بحجة البرد ونقص
المؤونة؛ مما أضاع على العثمانيين فرصة القضاء على الدولة الصفوية
نهائيًّا.


ومن
هنا نجد أن الشاه - وبعد أن الْتقط أنفاسه - بدأ يتآمر على الدولة
العثمانية، من خلال الاتصال بالصليبيين، وابتدأ مع البرتغاليين الذين
تحالفوا معه، وكما يقول الدكتور زكريا بيومي: إنه "أقرَّ استيلاءهم على
هرمز، في مقابل مساعدته على غزو البحرين وقطيف، إلى جانب تعهُّدهم
بمساندته ضد قوات الدولة العثمانية".


ولقد
سنَّ الشاه بهذا العمل سنةً سيئة له ولأولاده ولأحفاده، بالتحالف مع
الكفرة؛ تأسيًا بمن سبقه من أجداده من الفاطميين وغيرهم، من الذين لعبوا
نفس الدور، وكانوا سببًا في سقوط بغداد على يد هولاكو سنة 656هـ، وهما
النصير الطوسي وابن العلقمي، وقد قال الخميني عن هذين الرجلين في كتابه
"الحكومة الإسلامية": "إنهما قدَّما للإسلام خدمة عظيمة"!


وتذكر
المصادر التاريخية المؤكدة أن طهماسب ابن الشاه إسماعيل - وكما يقول ستيفن
لونكريك في كتابه "أربعة قرون من تاريخ العراق" -: "استهلَّ عهده بإرسال
الوفود والسفارات إلى أوروبا؛ للتنسيق مع ملوكها بهدف مواجهة العثمانيين"،
حيث قام حفيده الشاه عباس الكبير الذي استعان بالإنكليز في تدريب جيشه،
ووفق الطرز الإنكليزية الحديثة وقتئذٍ، وتمكَّن بمعيتهم من طرد
البرتغاليين من مضيق هرمز، وتمكن أيضًا من احتلال بغداد مرة أخرى عام
1623م، وبعد حصار مرير دام ثلاثة أشهر، يقول الدكتور علي الوردي في كتابه
"لمحات اجتماعية": "إن الشاه عباس فعل ببغداد عند احتلالها مثلما فعل
جدُّه الشاه، وربما زاد عليه؛ فقد هدم مرقد الإمامين أبي حنيفة وعبد
القادر الجيلاني - رضي الله عنهما - وقتل عددًا كبيرًا من أهل السنة، وقد
نجا الباقون بشفاعة كليدار الحضرة الحسينية".


ويقول
الأستاذ علاء المدرس: في سنة 1708م قام الشاه حسين الصفوي بإرسال وفدٍ
رسمي إلى ملك فرنسا لويس الرابع عشر، ووقَّع معاهدة تحالف بين فرنسا
وإيران، نصَّتْ في إحدى موادِّها على أن يقوم الفرنسيون بإرسال أسطول إلى
الخليج العربي؛ لمساعدة إيران على احتلال مسقط.


ولعل أخطر ما في هذه التحالفات المستمرة والمتعاقبة في كل مراحل التاريخ:
هو
بُعدها الفكري الذي استمرَّ أثرُه، حتى بعد زوال الدولة الصفوية بقرون،
ومجيء دول أخرى على أرض فارس تحمل نفس التوجُّهات، وإن كانت بدرجات
متفاوتة، لكنها ظلَّتْ تشير إلى تلك الجذور الضاربة في القدم، والتي
تستهدف نشر التشيُّع بأي وسيلة، وهذا ما تمَّ بالفعل؛ إذ تحالفتِ الدولة
القاجارية في منتصف القرن التاسع عشر مع الإنكليز، ووضعوا خطة محكمة لنشر
التشيع بين العشائر العربية في جنوب العراق والخليج، وتعهدت - كما يقول
الأستاذ علاء المدرس - الحكومة الإنكليزية بتسهيل مهمة الوافدين
الإيرانيين، واستحصال موافقة والي بغداد والباب العالي العثماني على ذلك
والترتيبات اللازمة له، ويتعهد الجانب القاجاري بإرسال رجال الدين
والأموال اللازمة لتنفيذ تلك الخطة؛ وذلك بغيةَ زعزعة قبضة الدولة
العثمانية ووالي بغداد على العراق والخليج؛ لتأمين طريق الهند التجاري
والعسكري، من خلال السيطرة الإنكليزية على الطريق البري والبحري
الإستراتيجي، المتمثِّل في خط الشام - بغداد - البصرة - البحرين - رأس
الخيمة - مسقط - مواني إيران الجنوبية - الهند، وفعلاً تم تحويلُ انتماء
بعض العشائر العربية إلى التشيع الصفوي؛ لتكفير باقي المسلمين، وضمان
ولائهم لإيران، بما يعود إلى إضعاف العراق، واستفادة السياسة الاستعمارية
الإنكليزية من الورقة الطائفية.


ويؤكد
السيد حسين الموسوي - نضر الله وجهه - هذه الحقائقَ المرة، وهو من علماء
النجف المعروفين، وصاحب الكتاب التصحيحي الشهير "لله ثم للتاريخ"؛ إذ يقول
في كتابه هذا الذي أُلِّف أواخر التسعينيات: "لقد رحتُ أبحث عن سبب كوني
ولدت شيعيًّا، وعن سبب تشيع أهلي وأقربائي، فعرفتُ أن عشيرتي كانت على
مذهب أهل السنة، ولكن قبل حوالي مائة وخمسين سنة - أي: منتصف القرن التاسع
عشر بالضبط - جاء من إيران بعضُ دعاة التشيع إلى جنوب العراق، فاتَّصلوا
ببعض رؤساء العشائر، واستغلوا طِيبَ قلوبهم، وقلةَ علمهم، فخدعوهم بزخرف
القول، فكان ذلك سببًا في دخولهم في النهج الشيعي؛ فهناك الكثير من
العشائر والبطون تشيَّعتْ بهذه الطريقة، بعد أن كانت على مذهب أهل السنة،
ومن الضروري - والكلام له - أن أذكر بعض هذه العشائر؛ أداء لأمانة العلم،
فمنهم: بنو ربيعة، وبنو تميم، والخزاعل والزبيدات والعمير، وهم بطن من
تميم، والخزرج وشمر طوكة والدوار والداففعة وآل محمد، وهم من عشائر
العمارة، وعشائر الديوانية وهم آل أقرع، وآل بدير عفج، والجبور، والجليحة،
وعشيرة كعب وبنو لام، وغيرهم كثير.


وهؤلاء
كلهم من العشائر العراقية الأصيلة المعروفة، وهم معروفون بشجاعتهم وكرمهم
ونخوتهم، وهم عشائر كبيرة لها وزنها وثقلها؛ ولكن مع الأسف تشيعوا منذ
أكثر من مائة وخمسين سنة؛ بسبب موجات دعاة الشيعة الذين وفدوا إليهم من
إيران، فاحتالوا عليهم وشيعوهم بطريقة أو بأخرى"، وهذه الحقائق معروفة
وثابتة في العراق وباعتراف أهلها، ولا ينكرها إلا متعصبٌ، أو جاهل، أو
معاند.


اليهود ودورهم في معاونة الصفويين:
ليس
غريبًا أبدًا أن تجد لليهود دورًا في كل ما يجري في العالم من أحداث في
القديم والحديث، وإن المتتبِّع لدورهم لَيجدُ لهم موطئَ قدم في كل مكان،
وليجد لهم دورًا - وإن كان دائمًا غير معلن - خلف كل حدث.


ومن
الجدير بالذكر أن تاريخ وجُود اليهود في أراضي الدولة العثمانية، إنما
يعود إلى عهد السلطان العثماني بايزيد الثاني؛ فهو الذي سمح لهم بالهجرة
إلى الدولة العثمانية؛ هربًا من أوربا التي طردهم ملوكُها منها، وقد
أقطعهم بعض المناطق الغنية، فأعطى لهم ذلك - وكما يقول الدكتور أحمد
النعيمي -: "إمكانية الإثراء لهؤلاء، في الوقت الذي تميز هؤلاء بالفقر
والعوز والمجاعة فيما مضى"، قد استغل اليهود هذا الثراء أحسنَ استغلال
كعادتهم؛ حيث يذكر صاحب كتاب "خلاصة تاريخ بغداد"، للأب أنستانس الكرملي:
"وكان الشاه إسماعيل قد قتل كثيرًا من مسلمي السنة، وذبح جميع نصارى مدينة
بغداد، أما اليهود فإنه لم يتعرض لهم، وكانوا يهدون له الهدايا الجليلة،
والأموال الطائلة؛ لاحتياجه إليها يومئذٍ، وإن الشاه إسماعيل لم يعادِ
اليهود، وترك لهم الحرية في أعمالهم وأشغالهم".


ولم
يقتصر دور اليهود على رعايا الدولة العثمانية فقط؛ بل شمل حتى أولئك الذين
يعيشون خارجها، ويؤكد يوسف غنيمة في كتابه "نزهة المشتاق من تاريخ يهود
بغداد": "إن الموفدين البنادقة - نسبة لمدينة البندقية الإيطالية، وجلُّهم
يهود - كانوا يحثُّون الشاه للقيام بذلك الغزو للأطراف الشرقية للدولة
العثمانية، ويعملون بحذق لتسليط قوة الشاه في حرب على مؤخرة العثمانيين؛
فحرب كهذه ستخفف الضغط على فيينا وإيطاليا والبحر المتوسط إذا أمكن إيقاد
نارها".


موقف علماء ومفكري الشيعة من الدولة الصفوية:
أغلب
مراجع الشيعة تقريبًا ومفكريها قديمًا وحديثًا يدينون ضمنًا وعلنًا
بالولاء والفضل للدولة الصفوية، ولا يصدقون أو يبررون الكثير من أعمالها؛
وذاك أنها - في نظرهم - سبب المحافظة على الكيان الشيعي، وسبب انتشار
التشيع، وكذلك كانت - من وجهة نظرهم - سدًّا مانعًا في وجه من يريدون الشر
للشيعة؛ بدليل إقرارهم لكل البدع التي أحدثوها، وعدم إنكار شيء منها،
ومحاولتهم تأصيلها شرعيًّا، والسعي لترسيخها بشكل متعمد في عقول أجيالهم،
مسخِّرين لأجلها كلَّ الإمكانات والوسائل الإعلامية التقليدية والعصرية،
وبنسق لا يوحي إلا باعتقادهم بها، وإيمانهم بأنها جزء لا يتجزأ من فكرة
التشيع لأهل البيت - رضوان الله عليهم جميعًا - ضاربين بعُرْض الحائط
إجماعَ الأمة المحمدية على خلافه.


يقول
محسن الأمين العالمي - وهو من أكابر علمائهم - في كتابه "الشيعة في مسارهم
التاريخي وفي موقف المتظلم": "وكان سلاطين بني عثمان لا يزالون في حروب مع
سلاطين الفرس الصفوية، وقتل السلطان سليمان العثماني من الشيعة في
الأناضول أكثرَ من أربعين ألفًا، لم يكن لهم ذنب إلا أنهم شيعة".


فالرجل
يسميهم سلاطين، ولا يتعرض إلى شيء من فظائعهم في كل كتابه المذكور، وهو ما
كرَّره الخميني أيضًا في كتابه "كشف الأسرار" دون أن يتعرض لهم بكلمة.


وليس
هذا الحكم مطلقًا؛ بل وجد من نوَّر الله عقلَه وقلبه، وقاموا بجهود مشكورة
في الإصلاح، منهم السيد موسى الموسوي في كتابه "الشيعة والتصحيح"، والسيد
حسين الموسوي في كتابه "لله ثم للتاريخ"، ومنهم أيضًا الأستاذ حسن العلوي،
والسيد أحمد الكاتب، وله عدة كتب، منها: "تطور الفكر الشيعي"، و"السنة
والشيعة: وحدة الدين، وخلاف السياسة والتاريخ"، وهو أحدث مؤلفاته، ويقول
في كتابه الأخير عن الصفويين: "ومن المؤسف أن بعض الدول - كالدولة الصفوية
التي سيطرت على بلاد فارس في القرن العاشر الهجري وما بعده - قد استغلت
ذلك التراثَ السلبي الأسطوري في صراعها مع الدولة العثمانية؛ لكي تشنَّ
حملة شعواء على أهل السنة، وتسن بدعة السب واللعن للخلفاء الراشدين، وتقيم
دولة دكتاتورية مستبدة، أبعد ما تكون عن سياسة أهل البيت، أو عدالة
الإسلام؛ ولكنها تتظاهر بالتشيع القشري الممسوخ، البعيد كل البعد عن
التشيع الأول".


ويضيف:
"مع أن الدولة الصفوية ذهبتْ مع التاريخ، إلا أنها تركتْ بصماتِها
المشؤومةَ على العلاقات الأخوية بين السنة والشيعة، وخلفتْ وراءها تراثًا
ثقافيًّا متعفنًا مليئًا بالأحقاد".


أهم علماء الدولة الصفوية:
من
أهم علماء الدولة الصفوية المدعو الشيخ علي الكركي العاملي، وكان الشاه
طهماسب ابن الشاه إسماعيل قد استقدمه من جبل عامل في لبنان.


ولهذا
الرجل دورٌ كبير وأساسي في تثبيت التشيع الصفوي؛ لأنه هو الذي أبطل نظريةَ
انتظار الإمام، التي كان الشيعة يعملون بها طيلةَ فترة الغيبة المزعومة،
ثم أجاز للشاه بفتاواه الحكم نيابةً عن الإمام المهدي المنتظر.


وكما
أنه الذي أقر بِدَعَ السبِّ، والشهادة الثالثة في الأذان، وأضاف لها بدعةَ
المشي إلى كربلاء لغرض زيارة الإمام الحسين - رضي الله تعالى عنه - في
العاشر من شهر محرم، ووصولاً إلى الأربعين في العشرين من شهر صفر، والتي
ما زال العمل عليها إلى الآن.


ومن
أبرز علماء الفترة الصفوية أيضًا المدعو الملا محمد باقر المجلسي، وهو من
أهم علمائهم وأكثرهم تشددًا، ومن أهم كتبه وأكثرها شهرة كتابه "بحار
الأنوار"، يقول الخميني عن هذا الكتاب: "هو من تأليف العالم المعظم،
والمحدث الرفيع محمد باقر المجلسي، وهو مجموعة تقرب من أربعمائة كتاب
ورسالة؛ فهو في الحقيقة مكتبة صغيرة تُسمَّى باسم واحد"، ويعتبر من أهم
كتب الشيعة الإمامية، وهو مليء بالأحاديث والروايات، والقصص والأساطير،
والأخبار من كل لون، ولقد استغلَّه الخطباء والمنبريون، وقرَّاء مجالس
العزاء، والعلماء أيضًا، حين اتخذوه مصدرًا أساسيًّا؛ لكونه في متناول
أيديهم، فملؤوا آذانَ الناس العوامِّ بالخرافات والدجل والأوهام، شأنه في
ذلك شأن كتب بعض المتصوفة في العصور الإسلامية المتقدمة التي تلتِ العصورَ
المباركة، والتي مُلئتْ بالغثِّ والسمين من الأحاديث والأخبار، ومن خلال
اطِّلاعي الشخصي على بعض أجزاء هذا الكتاب وجدتُ فيه الكثير من الروايات
الباطلة، التي يتداولها الصوفية كتلك التي تتعلق بأخبار النبي - عليه
الصلاة والسلام - قبل البعثة وغيرها.


ولقد
اهتمَّ الساسة الصفويون بهذا الكتاب أيَّما اهتمام، حتى إن الشاه سليمان
أوقف له أملاكَه الخاصة في سيبل نسخه، وتوفيره للطلبة، وقامت الدولة
القاجارية بعدئذٍ بالاستعانة بالمطابع الحجرية لذات الغرض، ونشرته في
العراق والخليج، وكما يؤكد ذلك العلامةُ علي الوردي في كتابه "لمحات
اجتماعية".

توفي هذا الرجل عام 1699م؛ أي: قبل سقوط الدولة الصفوية بثلاث وعشرين سنة.

إن
وجود هذين الرجلين لا يعني أن كل علماء الشيعة وقتئذٍ كانوا يوافقونهم في
كل بدعهم، وقد أكَّدت المصادر الموثقة وقوفَ العديد من علماء الشيعة في
وجه هذه التوجهات والفتاوى المستحدثة، ومن هؤلاء الشيخ إبراهيم القطيفي
النجفي، والشيخ محمد البهائي، والشيخ حسن بن عبدالصمد الذي هجر ديار
الصفويين واستقر في البحرين، وخلفه ابنه حسن البهائي، وهؤلاء كلهم ظهر
منهم مقاومةٌ صريحة للفكر الصفوي، واستهجانٌ صريح لأولئك الذين اختاروا أن
يكونوا خَدَمةً للعرش الصفوي.


هلاك إسماعيل الصفوي ونهاية دولته:
في
عام 1524م هلك الشاه إسماعيل الصفوي؛ إذ لم يبارك الله في عمره، فمات ولما
يتجاوز السابعة والثلاثين من العمر، وورث ابنه طهماسب، ثم ابنه الشاه عباس.


وقد
انهارت الدولة الصفوية وانمحت عن الوجود على يد إحدى القبائل الأفغانية
عام 1722؛ أي: بعد أكثر من قرنين، ومن الجدير بالذكر أن الصفويين قد
احتلوا أجزاء واسعةً من بلاد الأفغان، واضطهدت الأفغانَ فيها كعادتها مع
المخالفين؛ بسبب فشلها في تحويلهم إلى التشيع كما نجحت في إيران ومناطق
أخرى، وقد كان الأفغان يتحينون الفرصة للقضاء على الصفويين، وابتدأت
الشرارة الأولى على يد أمير ويس؛ لكنه توفي عام 1715م وخلفه ابنه أمير
محمود، والذي نجح في دكِّ معاقلهم، وفتح عاصمتهم، وإعلان انتهاء دولتهم
للأبد، وذلك عام 1722م، كان آخر ملوكهم يدعى الشاه حسين.


وبعد
فترة زمنية تولى مقاليدَ الحكم فيها نادر شاه، وذاك سنة 1736م، وهو صاحب
فكرة المذهب الخامس، وقد كاتَبَ الدولةَ العثمانية بذلك، وقد بدا من
سياسته وفي أواخر عهده نفسٌ تصالحي باتجاه العالم الإسلامي، وهو الذي حصل
في عهده المؤتمرُ التقريبي الأول برعاية عثمانية، وذاك في عام 1743م،
والذي انتهى بمقررات جيدة خفَّفت من حدة التوتر الطائفي بين الشيعة
والسنة، والذي كان من أبرز الثمار الخبيثة للصراع الصفوي العثماني، والذي
تولَّى كِبْرَه الصفويون، الذين اختاروا أن يرسخوا الخلاف بين المسلمين،
من خلال اتِّخاذهم من التشيع الباطني أداةً لتحقيق مكاسبهم وتطلعاتهم،
التي تعبر عن مكنونات أنفسهم، التي استحكم فيها الحقدُ الطائفي والعرقي
والشعوبي بمفهومه الضيق، فأعمى بصائرَهم، وصدَّهم عن صوت الحق، وزين لهم
أعمالهم بمخالفيهم، وتآمرهم على المسلمين، واتصالهم فيما بعد بالصليبيين؛
مما وفر لهم فرصة تخفيف القبضة العثمانية على أوربا، التي سعتْ لإشغال
المسلمين بالحروب الداخلية.


وقد
قُتل نادر شاه نفسه على يد أتباعه الغلاة من الذين لم يعجبهم صنيعُه، وذاك
بعد ثلاثة أشهر فقط من عقد المؤتمر، وعمَّت إيران فوضى عارمةٌ استمرتْ
عقودًا، حتى ظهور الدولة القاجارية عام 1796، لتعود بإيران إلى نفس
السياسة الصفوية الطائفية الباطنية الخبيثة، وبنسق أكثر تطرفًا وعنادًا،
وليعود الصراع مرة أخرى بينهم وبين العثمانيين، ولتعطي تأكيدًا على المدى
الذي تغلغل فيه الفكرُ الصفوي، وغدا ظاهرةً مترسخة في العقول والضمائر
وأدبيات الحياة الاجتماعية والثقافية، وحكمتْ هذه الدولةُ إيران حتى العقد
الثاني من القرن العشرين، لتخلفها الأسرةُ البهلوية، والتي أطاحتْ بها
حكومةُ الثورة في إيران عام 1979م بقيادة الخميني.


وهذه
الثورة ورثتْ كلَّ تلك التركةِ الثقيلة من الأفكار والمعتقدات، وأعطتْ لها
بُعدًا حيًّا من خلال استثمارها سياسيًّا، وإضفاء البعد الدستوري
والقانوني عليها، وتأسيس نظام حكم يختزل هذه الأفكارَ والمعتقداتِ،
ويصوغها في قالب ديني مفترض؛ من أجل ضمان دوامه، وإمكانية حمايته، ولإضفاء
نوع من أنواع الشرعية الدينية عليه، ولعل المادة الخامسة والأساسية - أي:
غير القابلة للتغيير - من هذا الدستور توضح هذه الحقائق بصورة جليه.


تقول
هذه المادة: في زمن غيبة الإمام المهدي - عجل الله تعالى فرجه - تكون
ولاية الأمر، وإمامة الأمة في جمهورية إيران الإسلامية بيد الفقيه العادل
المتقي، البصير بأمور العصر، الشجاع القادر على الإدارة.


وقد
مرَّ بنا كيف استحدثت هذه البدعة في عهد الصفويين وغيرها، وهي اليوم يراد
لها أن تعبر عن مضمون سياسي متلبس بعباءة دينية غيبية، باطنية المنحى
والتوجُّه.


وبعد:
فإن
كاتب هذه السطور يقدم في هذا الجهد المتواضع، الذي استمر معه طوال شهر
رمضان المبارك - خلاصةَ أفكارٍ وحقائقَ لها صلة أكيدة بالواقع المُعاش في
بلده وفي بعض بلدان العرب والمسلمين، كتبها وهو يعلم - وقد اختار أن يكتب
اسمه من غير تمويه - أنها ستفتح عليه أبوابًا كان حريًّا به أن يغلقها،
ولو في هذا الوقت، أو ألاَّ يحاول فتحها أبدًا، وأن يستمع إلى صوت
الناصحين بوجوب الحذر من التقرب من مواضيعَ كهذه، قد يوقظ صداها بعضَ
خفافيش الظلام الذين يزعجهم أن يسمعوا صوت الحق الذي سدُّوا آذانهم،
واستغشوا ثيابهم؛ هربًا منه.


وهو
يعلم جيدًا أيضًا أن الفتنة التي شبَّتْ في بلده بعد الاحتلال، وكانت أسوأ
منه، والتي كان عنوانها البارز طائفيًّا وعرقيًّا، كانت تتغذى في الكثير
من جوانبها على ذات الأفكار القديمة التي تتوالد مع الزمن، مع وجود من
يروج لها، ويبثُّها بين الناس؛ بل ويصرُّ عليها رغم أنها تتصادم مع صريح
الأدلة الدامغة الواضحة وضوح الشمس في رابعة النهار، ومع إجماع الأمة منذ
العصور المباركة للإسلام، وكذلك مع منطق العقل السليم الخالي من الرواسب
والعقد المستحكمة التي تذهب بلبِّ العاقل.


ولكنها السياسة، وما أدراك ما السياسة؟!
إنها الوجاهة والمال، والسلطة والحكم، والنفوذ والصوت المعبِّر عن رغبة
العوام، صدقًا كان ذاك أم كذبًا، في زمن استسهل فيه الكذب، وغدا بضاعةً
رائجة لها أسواقٌ عامرة، وتجار يتهافتون ويقتتلون عليها، ومستهلكون لا
يبالون من أين جاءتهم البضاعة، إلا من رحم ربي، ولا حول ولا قوة إلا بالله.


المصادر
1- البداية والنهاية، للحافظ ابن كثير.
2- لمحات اجتماعية من تاريخ العراق المعاصر، للأستاذ الدكتور علي الوردي.
3- الدولة العثمانية، للدكتور علي الصلابي.
4- الدولة الزنكية، للدكتور علي الصلابي.
5- الصراع الصفوي العثماني ودوره في بلورة الطائفية، للأستاذ علاء المدرس.
6- تطور الفكر الشيعي، للأستاذ أحمد الكاتب.
7- الشيعة والسنة خلاف السياسة والتاريخ، للأستاذ أحمد الكاتب.
8- كشف الأسرار، للخميني.
9- صراع القوى السياسية في المشرق العربي من الغزو المغولي حتى الحكم العثماني، للدكتور عماد الجواهري.
10- الحكومة الإسلامية، للخميني.
11- لله ثم للتاريخ، للسيد حسين الموسوي.
12- صنع القرار في إيران، للدكتورة نيفين مسعد عبدالمنعم.
13- أثر الأقليات اليهودية في سياسة الدولة العثمانية، د. أحمد النعيمي.
14- نحو تفسير إسلامي للتاريخ، ثامر السامرائي.
15- الفكر الشيعي والنزعات الصوفية، للدكتور مصطفى الشيبي.







الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://mustafakhamis.yoo7.com/موق
 
الصفويون ودورهم الهدّام في تاريخ الأمة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
موقع الشيخ مصطفى خميس للقرآن الكريم :: حوار مع الشيعة-
انتقل الى: